لا يحضرني سوى ذلك المثل الشعبي “القرعة تتباهى بشعر بنت اختها” حين أرى عبارات من نوعية “مسلم وأفتخر” أو “عربي وأفتخر” أو “مصري وأفتخر”.. لا أعرف لماذا يمكن أن يفخر الشخص بسبب صدفة بحتة جعلته مولود لأبوين مسلمين أو لأبوين عربيين أو مصريين؟ ما الجهد الذي بذله الشخص ليجعله قادرا على الشعور بالفخر؟
يوم السبت الماضي تم عرض موكب المومياوات الملكية خلال نقل مومياوات ملوك مصر القديمة من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارات بالفسطاط. كالعادة اندلع الصراع بين فرق متعددة.. يهمني منها الفرقة التي هي الأقرب لموقفي الشخصي… هؤلاء الذين شعروا بالسعادة لخروج العرض بمستوى يليق بملوك مصر القديمة.
ما لم أشارك السعداء فيه هو الإحساس بالفخر, ليس انطلاقا من عدم الانتماء لكن انطلاقا من مفهومي الشخصي لمنطق وفكرة الفخر . أدرك أن الموكب رسالة تذكير بتاريخ مرحلة عظيمة في تاريخ البشرية الذي صنعته مصر القديمة. أشعر بالسعادة والامتنان لأنني حفيدة تلك الحضارة. لكن لا يسعني الشعور بالفخر حيث أنني لم أشارك في صناعة تلك الحضارة.
أرى الموكب أيضا مرحلة مهمة لتسويق معالم وقطع أثرية لا مثيل لها.. وأرفض الربط التعسفي بين هذا التسويق وبين أي شخص مهما كان دوره السياسي فالأشخاص مؤقتون وعابرون بينما الترويج للسياحة والآثار في مصر ليس كذلك. وهو مهم للجميع فلو انتعشت صناعة السياحة وحركتها ستنتعش البلد كلها اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا..
الحضارة المصرية أهم حضارة عرفها العالم وتسويقها بنجاح سيعيد تذكير العالم بأهميتها وسيعود بالنفع على حركة السياحة وبالتالي يعيد فتح آلاف البيوت التي أغلقت بسبب تراجع السياحة. لكن لا أعتقد أنه مدعاة لوطنية متطرفة أو “شوفينية” كما أنه لا ينبغي أن يكون مدعاة للفخر على طريقة “القرعة بتتباهى بشعر بنت اختها”.
الفخر -حسب فهمي- هو شعور نحس به حيال أشياء قمنا بها أو أنجزناها بشخوصنا.. يعني ممكن لمن فكر وخطط ونفذ مشروع متحف الحضارات أن يفخر بانجازه.. كما يمكن لمن غنوا بأصوات مبهرة وجميلة أن يفخروا بأداؤهم.. ومن عزفوا وأمتعونا من حقهم أن يفخروا بعزفهم وموهبتهم.. أما أنا فأشعر بالسعادة والامتنان لكن في الحقيقة لا يسعني الشعور بالفخر لأنني لم أقدم شيئا في ذلك العرض ولا في الحضارة المصرية القديمة فلماذا يمكنني الشعور بالفخر ؟
باختصار ما لم أشارك في إنجازه يمكنني الشعور بعظمته وأهميتة والامتنان لمن أنجزوه لكن ليس بالفخر لان صدفة بيولوجية بحتة جعلتني أولد في نفس البقعة الجغرافية التي عاش عليها أصحاب الإنجاز الحضاري.. الصدفة البيولوجية ليست مدعاة للفخر ولا للإحساس بالدونية ولا أي شيء آخر فهي محض صدفة.
Average Rating