الكابوس

انتفضت أنغام من نومها مفزوعة جافة الحلق, جسدها بارد كالثج والعرق يتصبب من كل مسامها. استيقظ زوجها على صرختها وأسرع إليها بكوب من الماء, جلس يدلك يديها وضمها إليه هامسا:

-كابوس مرة أخرى؟

-نعم هو نفسه تقريبا

-لابد وأن نستشير طبيبا الزمن لا يشفي كل شيء وحده.

لم ترد عليه واكتفت بالاستسلام إلى حضنه الدافئ والإحساس بالأمان الذي يطرد صورة الوحش ليعيدها مرة أخرى إلى الصندوق الأسود المغلق في عقلها الباطن.. استسلمت للنوم مرة أخرى استعدادا لعملها في اليوم التالي.

استيقظت الأسرة وانطلق كل فرد يقوم بمهامه اليومية المعتادة, الابنة تجهز الإفطار, والابن ينظف الحمام ويرتب الغرف والأب منهمك في ترتيب الصالة والأم انتهت من غسيل الأواني والأطباق واتجهت لإحضار الغسيل الجاف لطيه ووضع بالدولاب وتشغيل الغسالة لتنظيف غسيل الأمس.

ارتدى الأبناء ملابسهما وانطلقت الفتاة إلى جامعتها والابن إلى عمله, وبقيت هي وأحمد يحتسيان كوب الشاي قبيل الذهاب إلى أعمالهما. خلال تلك الدقائق أعاد اقتراحه باستشارة طبيب نفسي. وافقت واتفقا على حجز موعد لدى طبيبة صديقة يعرفانها منذ زمن بعيد ويثقان في مهنيتها.

مرت الأيام ثقيلة والكابوس يتكرر يوميا بعدما كان الوحش يكتفي بزيارتها مرة كل شهر أو كل بضعة أشهر, كانت الأيام الثلاثة الفاصلة بين قرار استشارة الطبيبة وبين الزيارة الفعلية جحيما حقيقيا, كل يوم ترى وجهه المقزز في كابوس مختلف, مرة وهو يتحول إلى وحش لزج ويقذفها بإفرازات لزجة تخنقها وتمنعها من التنفس حتى تموت اختناقا, ومرة يكون في مجلسه المعتاد أمام العمارة ثم فجأة يستحيل عضوه الذكري إلى لسان طويل أقرب لذراع أخطبوط لكنه مليء بالحراشف الحادة يلتف حول يدها وتنغرس الحراشف فيها حتى تنفصل الكف عن الذراع, ومرة ظهر ككتلة من الجلد المتجعد لها نفس فمه وأسنانه الصفراء المتساقطة تجري خلفها وهي تحاول الهرب لتجد ساقيها مكبلتان بكرات حديدية ثقيلة فتتدحرج كرة الجلد المجعد لتسقط تحتها وتبدأ الأسنان الصفرء في قضم وجهها.

أخيرا, جاءت الزيارة وكانت المرة الأولى التي تقرر أن تفتح قلبها وتتحدث. مرة بعد أخرى تتجمع التفاصيل وتجد في نفسها الشجاعة لتحكي كل ما حدث. كانت في السادسة أو السابعة من عمرها, ممنوعة من اللعب في الشارع نهائيا, قد تخرج لشراء طلب من البقال أو من بائع الفول وتعود مسرعة.

في اليوم المشئوم, أرسلها أبيها لتشتري بربع جنيه فول. وقف لتتقافز قليلا في الشارع الخالي ووضعت العلبة والربع جنيه تحتها وبدأت القفز لدقائق قليلة, ثم تذكرت أبيها الذي لا يتعامل إلا بالضرب وسيقتلها ضربا لو تأخرت. استدارت لتحمل العلبة والربع جنيه فلم تجد النقود, انهارت بالبكاء وبحثت في أرض الشارع ذهابا وإيابا عن النقود حينها ظهر بواب إحدى عمارات الشارع. كان رجلا عجوزا للغاية, سألها عن سبب بكائها فأخبرته. التفت يمينا ويسارا وكانت الساعة السادسة صباحا ولم كن هناك شخص في الشارع وطلب منها أن تتبعه إلى غرفته في مدخل العمارة ليعطيها ربع جنيه.

دخل بها إلى الغرفة وحملها وهي لا تفهم ما يجري لها, بدأ يقبلها بطريقة مقززة جدا ثم رفع طرف الجلابية وأخذ يدها ووضعها على جزء من جسده كان ساخنا وطريا واستمر يقبلها ويضغط بيدها ويحركها حتى شعرت بسائل على يدها. لم تفهم ما حدث لها إلا بعد سنوات طويلة. أنزلها ومسح لها يدها وأعطاها الربع جنيه .

جرت فزعة لتشتري الفول وعادت متأخرة إلى البيت ليضربها ابيها علقة ساخنة, وحينها وللمرة الوحيدة في حياتها لم تكن تفكر في وجع الضرب ولكنها كانت مرعوبة من أن يشم يدها ويعرف ما هو ذلك السائل الغريب فيكتشف أنها أضاعت النقود وأن البواب قبلها ومنحها نقود بديلة.

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *